من كتاب : الكمالات المحمدية
للشيخ / فوزى محمد أبوزيد
رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله تعالى بجمهورية مصر العربية
إن حياة الأنبياء البرزخية الحقيقية وخصوصا نبينا محمد هي ارفعوأكمل من أن يتصور
جاهل أو أحمق أننا نعنى بها أن يعيشوا كمانعيش فيأكلوا ويشربوا محتاجين إلى الأكل
والشرب ويبولوا ويتغوطوامضطرين إلى ذلك ويخرجون من قبورهم لحضور مجالس الذكر ومجامع
القرآن ولمشاركة الأمة في أفراحها وأحزانها وأعيادها ومواسمها .ثم يرجعون إلى قبورهم تحت
الأرض في تلك الحفرة الضيقة وفوقهمالتراب . ليس في هذا أدنى كرامة أو منقبة بل هو عين
الإهانة التيلا يرضاها الإنسان لتابع أو خادم له فضلا عن أن يمن الله تعالى بذلك
على خير خلقه واجل عبيده حاشا وكلا وألف حاشا وكلا.
إن الحياة البرزخية الحقيقية هي الشعور التام والإدراك الكاملوالمعرفة الصادقة .
إنها حياة طيبة صالحة : دعاء وتسبيح وتهليلوتحميد وصلاة. ومن ثمرات تلك الحياة البرزخية
صلاتهم في قبورهمصلاة حقيقية ليست خيالية ولا مثالية وقد جاءت أحاديث في هذا
الموضوع فمنها عن انس بن مالك قال : قال رسول الله( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون )
. رواه أبو يعلى والبزارورجال أبى يعلى ثقات كذا في مجمع الزوائد (ج8ص211)
قال الإمام الحافظ البيهقى في الجزء الخاص بهذه المسألة .وفى رواية عن انس بن مالك
رضي الله تعالىعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(إن الأنبياء لا يُتْركون في قبورهم
بعد أربعين ليلة,ولكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى يُنفخ في الصور)
قال البيهقى إن صح بهذا اللفظ فالمراد به- والله اعلم-لا يُتركون لا يُصلون إلا هذا
المقدار, ثم يكونون مصلين بين يدي اللهتعالى, قال البيهقى : ولحياة الأنبياء بعد موتهم
شواهد من الأحاديث الصحيحة.
ثم ذكر البيهقى بأسانيده حديث (مررت بموسى وهو قائم يصلى فيقبره). وحديث
(قد رأيتني في جماعة من الأنبياء, فإذا موسى قائميصلى وإذا رجل ضَرْب جَعْد كأنه
من رجال شنوءة وإذا عيسى بن مريمقائم يصلى اقرب الناس به شبها عروة ابن مسعود
الثقفي, وإذاإبراهيم قائم يصلى أشبه الناس به صاحبكم- يعنى نفسه- فحانت
الصلاة فأممتهم فلما فرغت الصلاة قال لي قائل :
يا محمد, هذا مَالِك صاحب النار فسلّم عليه فالتفتُّ إليهفبدأني بالسلام ) .
قلت أخرجه مسلم عن انس (ج2ص268)وأخرجه عبد الرازق في المصنف (ج3ص577)
وقوله ضَرْب : أي خفيف اللحم الممشوق المستقد.
وقال البيهقى في دلائل النبوة : وفى الحديث الصحيح
عن سليمان التيمى وثابت البنان عن انس بن مالك
أن رسول الله قال ( أتيتُ على موسى ليلة اسري بى
عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلى في قبره ). قلت وهو صحيح
أخرجه مسلم (ج2ص268) وقد ثبت بما لا يقبل الشك أن السبب في
تخفيف الصلاة علينا من خمسين إلى خمس صلوات هو موسى عليه
السلام وهو ميت قد أدى رسالة ربه وانتقل إلى جواره في الرفيق
الأعلى ولكنه هو السبب في إيصال أعظم خير إلى الأمة المحمدية
حينما طلب من نبينا محمد مراجعة ربه وقال له سَلْ ربك التخفيف
فإن أمتك لا تطيق ذلك فهل هذه المراجعة حقيقية أو خيالية وهل
في اليقظة أو في المنام وهل هي صحيحة أم مكذوبة وهل موسى
مات أم لا يزال حيا حتى وقت تلك المراجعة ؟ أخرجه الحاكم وصححه
عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي مر على ثَنّية فقال :
ما هذه قالوا ثنية كذا وكذا, قال لأني انظر إلى يونس على ناقة
خطامها ليف وعليه جبّة من صوف وهو يقول لبيك اللهم لبيك ) ا.ه
الدر المنثور (ج4ص334). وفى حديث آخر (أراني ليلة عند الكعبة
فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من الرجال من آدم الرجال,
له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجّلها فهي تقطر ماء
متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين بالبيت فسألت من هذا ؟
فقيل هذا المسيح بن مريم ). وفى حديث آخر ( أن رسول الله مر
بوادي الأزرق فقال : كأني انظر إلى موسى هابطا من الثنيّةوله جؤار إلى الله بالتلبية
ثم أتى على ثنية هرشي فقال :كأني انظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعده عليه جبة
من صوف خطام ناقته خلبة وهو يلبى ) وفى حديث أخر( كأني انظر إلى موسى واضعا
إصبعيه في أذنيه) وهذه الأحاديثكلها في الصحيح وقد تقدم في موسى وعيسى,
وكذلك صلاتهم قياما وإمامة النبي بهم ولا يقال إن ذلك رؤيا مناموإن قوله أراني فيه
إشارة إلى النوم لأن الإسراء وما اتفق فيه كانيقظة على الصحيح الذي عليه جمهور السلف
والخلف ولو قيل بأنهنوم فرؤيا الأنبياء حق, وقوله أراني لا دلالة فيه على المنام
بدليل قوله رأيتني في الحجر وكان ذلك في اليقظة كما يدل عليهبقية الكلام .
جاء في الحديث عن أوس بن أوس قال :قال رسول الله : (أفضل أيامكم الجمعة فيه خلق آدم.
وفيه قبض. وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علىَّ من الصلاة فيهفإن صلاتكم معروضة
علىَّ, قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليكوقد أرمت- يقولون بليت- فقال : إن الله حرم على
الأرض أن تأكلأجساد الأنبياء) هذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور وابن أبى شيبة
واحمد في مسنده وابن عاصم في الصلاة له وأبو داود والنسائيوابن ماجه في سننهم
والطبراني في معجمه وابن خزيمةوابن حبان والحاكم في صحاحهم البيهقى في حياة الأنبياء
وشعب الإيمان وغيرهما من تصانيفه .
واعلم بأن حديث أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
ورد من طرق كثيرة جمعها الحافظ المنذرى في جزء مخصوص
وقال في الترغيب والترهيب رواه ابن ماجه بإسناد جيد
ورواه احمد وأبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه
وقال ابن القيم في كتاب الروح نقلا عن أبى عبد الله القرطبي :
صح عن النبي أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء وانه اجتمع مع
الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفى السماءخصوصا موسى وقد اخبر :
(ما من مسلم يسلم عليه إلا رد اللهعليه روحه حتى يرد عليه السلام)
إلى غير ذلك ما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما
هو راجع إلى أنهم غُيّبوا عنا بحيث لا ندركهم وان كان موجودينأحياء وذلك كالحال
في الملائكة فإنهم أحياء موجودين ولا نراهم .وقد نقل كلام القرطبي واقره أيضا
الشيخ محمد السفارينى الحنبليفي شرح عقيدة أهل السنة ونصه :
قال أبو عبد الله القرطبي قال شيخنا احد بن عمر القرطبي
صاحب المفهم في شرح مسلم والذي يزيح هذا الإشكال
أن الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال
ويدل على ذلك أن الشهداء بعد موتهم وقتلهم أحياء عند ربهم
يرزقون فرحين. وهذه صفة الأحياء في الدنيا
وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء أحق بذلك وأولى .وذكر القرطبي
أن أجساد الشهداء لا تبلى,وقد صح عن جابر أن أباه وعمرو بن الجموح
رضي الله تعالى عنهموهما ممن استشهدا بأحد ودفنا في قبر واحد حفر السيل قبرهما
فوجدا لم يتغيرا. وكان احدهما قد جُرح فوضع يده على جرحه
فدفن وهو كذلك , فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما
كانت وكان بين ذلك وبين احد ست وأربعون سنة ولما أجرى معاوية
العين التي استنبطها بالمدينة وذلك بعد احد بنحو من خمسين سنة
ونقل الموتى وأصابت المسحاة قدم حمزة رضي الله عنه فسال منه
الدم ووجد عبد الله بن حرام كأنما دُفن بالأمس .
وروى جميع أهل المدينة أن جدار النبي لما انهدم أيام الوليد
بدت لهم قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان قد قتل شهيدا .
وقد ذكر الشيخ ابن تيمية انه لما حصل الهدم بدت لهم قدم بساقوركبة ففزع
من ذلك عمر بن عبد العزيز فأتاه عروة فقال هذه ساقعمر وركبته فسُرى عن
عمر بن عبد العزيز .ا.ه اقتضاء الصراط المستقيم 365.
وقد ألف في هذا الموضوع الإمام الحجة أبو بكر بنالحسين البيهقى رسالة خاصة جمع فيها
جملة من الأحاديث التي تدل على حياة
الأنبياء وبقاء أجسادهم.
وكذلك ألف الحافظ جلال الدين السيوطي رسالة خاصة بذلك.
وقد ثبت لنبينا محمد حياة برزخية أكمل وأعظم من غيره تحدث عنها
بنفسه تثبت اتصاله بالأمة المحمدية ومعرفته بأحوالها واطلاعه على
أعمالها وسماعه لكلامهم ورده لسلامهم والأحاديث في هذا الباب
كثيرة. فمنها عن عبد الله بن مسعود عن النبي انه قال
(إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام )
قال المنذر رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
ا. ه . من الترغيب والترهيب (ج2ص498) . قلت رواه إسماعيل
القاضي وغيره من طرق مختلفة بأسانيد صحيحة لا ريب فيها
إلى سفيان الثوري عن عبد الله بن السائب عن زاذان
عن عبد الله بن مسعود وصرح الثوري بالسماع فقال :
حدثني عبد الله بن السائب هكذا في كتاب القاضي
إسماعيل وعبد الله بن السائب وزاذان روى لهما مسلم.
ووثقهما ابن معين فالإسناد إذن صحيح .
ومنها : عن عبد الله بن مسعود عن النبي قال : (حياتي خير لكم
تحدْثون ويُحْدث لكم ووفاتي خير لكم تُعرض أعمالكم على
فإن رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت الله لكم)
قال الحافظ العراقي في كتاب الجنائز من طرح التثريب في شرح
التقريب : إسناده جيد وقال الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد
ج9ص24 رواه البزار ورجاله رجال الصحيح , وصححه الحافظ السيوطي
في المعجزات والخصائص وكذا القسطلانى شارح البخاري ونص
المناوى في فيض القدير ج3ص401 بأنه صحيح وكذا الزرقانى في
شرح المواهب للقسطلانى وكذا الشهاب الخفاجى في شرح الشفا
ج1ص102 وكذا الملا على قاري في شرح الشفا ج1ص102
وقال رواه أيضا الحارث بن أسامة في مسنده بسند صحيح .
وذكره ابن حجر في المطالب العالية ج4ص22 وجاء هذا الحديث من
طريق آخر مرسلا عن بكر بن عبد الله المزني ورواه الحافظ إسماعيل القاضي في جزء الصلاة
على النبي ,قال فيه الشيخ الألباني :مرسل صحيح وصححه الحافظ ابن عبد الهادي مع
تعنته وتشدده فيكتابه الصارم المكي. فالحديث صحيح لا مطعن فيه وهو يدل على أن
النبي يعلم أعمالنا بعرضها عليه ويستغفر الله لنا على ما فعلنا من
سئ وقبيح وإذا كان كذلك فإنه يجوز لنا التوسل به إلى الله
ونستشفع به لديه لأنه يعلم بذلك فيشفع فينا ويدعو لنا وهو الشفي
المشفع وقد اخبر الله في القرآن أن النبي شهيد على أمته وذلك
يقتضى أن تعرض أعمالهم عليه ليشهد على ما رأى وعلم .
قال ابن المبارك اخبرنا رجل من الأنصار عن المنهال بن عمرو انه
سمع سعيد بن المسيب يقول : ليس من يوم إلا يعرض فيه على
النبي أمته غدوة وعشيا فيعرفهم بأسمائهم وأعمالهم فلذلك يشهد
عليهم {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء
شَهِيداً }النساء41 ومنها : عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله
( إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه الله أسماع الخلائق فلا يصلى على
احد إلى يوم القيامة إلا ابلغني باسمه واسم أبيه
هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك ) رواه البزار وأبو الشيخابن حبان
ولفظه قال رسول الله( إن الله تبارك وتعالى وكل ملكا أعطاه أسماء الخلائق
فهو قائم على قبري إذا مت فليس أحدا يصلى على صلاة إلا قال :
يا محمد صلى عليك فلان بن فلان قال : فيصلى الرب تبارك وتعالى
على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا ) رواه الطبراني في الكبير بنحوه
الترغيب ج2ص500 ومنها عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن
أبى هلال عن زيد ابن أيمن عن عبادة بن يسىّ عن أبى الدرداء
قال : قال رسول الله : ( أكثروا الصلاة علىّ يوم الجمعة فإنه يوم
مشهود تشهده الملائكة وان أحدا لن يصلى على : إلا عرضت علىّ
صلاته حتى يفرغ منها قال قلت وبعد الموت ؟ قال : وبعد الموت إن
الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فنبي الله حي يرزق)
رواه ابن ماجه في السنن. وفى الزوائد هذا الحديث صحيح إلا انه
منقطع في موضعين عبادة روايته عن أبى الدرداء مرسلة قاله العلاء
وزيد بن أيمن عن عبادة مرسلة قاله البخاري.
انتهى من سنن ابن ماجه ص524 . ومنها عن أبى هريرة أن رسول
الله قال ( ما من مسلم يسلم علىّ إلا ردَ الله علىّ روحي حتى أرد
عليه السلام) رواه أبو داود كذا في الترغيب ج2ص499
قال الشيخ ابن تيمية هذا الحديث على شرط مسلم
وقال : قال رسول الله ( من صلى علىّ سمعته ومن صلىعلىّ نائيا بُلِّغته)
رواه الدارقطنى . وفى النسائي وغيرهأن رسول الله قال ( إن الله وكل بقبري ملائكة
يبلغوني عن أمتيالسلام) إلى أحاديث أخرى في هذا الباب متعددة
أ.ه اقتضاء الصراط المستقيم ص324 وفى حديث أبى هريرة
عند أبى يعلى في ذكر عيسى ( ولئن قام على قبري فقال :
يا محمد لأجيبنه ) ذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية
4/ ص23 بعنوان حياته صلى الله عليه وسلم في قبره . عن يزيد
المهدي قال لنا ودّعت عمر بن عبد العزيز قال : إن لي إليك حاجة
قلت يا أمير المؤمنين كيف ترى حاجتك عندي ؟ قال أنى أراك إذا أتيت
المدينة سترى قبر النبي فأقرئه منى السلام. وعن حاتم بن وردان
قال : كان عمر بن عبد العزيز يُوجّه البريد قاصدا من الشام إلى
المدينة ليُقرئ عنه النبي السلام ذكره القاضي عياض في الشفاء
في باب الزيارة ج2ص83 وذكر الخفاجى كان من دأب السلف أنهم
يرسلون السلام إلى رسول الله وكان ابن عمر يفعله ويرسل له عليه
الصلاة والسلام ولأبى بكر وعمر رضي الله عنهما ورسول الله صلى
الله عليه وسلم وإن كان يبلغه سلام من سلم عليه وان كان بعيدا
عنه لكن في هذا فضيلة خطابه عنده ورده عليه السلام بنفسه .
أ. ه . من نسيم الرياض للخفاجى ج3ص516 وذكره الفيروزابادى
في الصلاة والبشر ص153. روى الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله
الدرامي في كتابه السنن الذي يعتبر من كتب الأصول الحديثية
الستة قال اخبرنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز
قال لما كان أيام الحرّة لم يؤذّن في مسجد النبي ثلاثا
ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب من المسجد وكان لا يعرف
وقت الصلاة إلا بهمهمة يسمعها من قبر النبي فذكر معناه
. أ.ه من سنن الدرامي ج1ص44.
ونقل هذه الرواية الإمام مجد الدين الفيروزابادى
صاحب القاموس في الصلاة والبشر ص154 وقال :
قال إبراهيم بن شيبان حججت فجئت المدينة فتقدمت
إلى قبر النبي فسلمت عليه فسمعت من داخل الحجرة وعليك
السلام . ذكر الشيخ ابن تيمية هذه الوقائع في معرض كلامه عن
اتخاذ القبر مسجدا أو وثنا يعبد , ثم قال ولا يدخل في هذا الباب ما
يروى من أن قوما سمعوا رد السلام من قبر النبي أو قبور غيره من
الصالحين وان سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي
الحرّة ونحو ذلك أ.ه اقتضاء الصراط المستقيم 373 وقد ذكر الإمام
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه أحكام الموت نصا
يؤيد بعض هذه الوقائع . قال اخرج ابن سعد عن ابن المسيب
انه كان يلازم المسجد أيام الحرّة والناس يقتتلون قال فكنت اسمع
أذانا يخرج من قبل القبر النبوي . كذا في مجموع المؤلفات 3/47.
وقال الشيخ ابن تيمية في موضع آخر
وكذلك كل ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد
عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها
وتوقى الشياطين والبهائم لها واندفاع النار عنها وعمن جاورها
وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى واستحباب الاندفان عند
بعضهم وحصول الأنس والسكينة عندها ونزول العذاب بمن استهان
بها فجنس هذا حق ليس ما نحن فيه وما في قبور الأنبياء والصالحين
من كرامة الله ورحمته وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما
يتوهمه أكثر الخلق لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك .أ.ه. اقتضاء الصراط المستقيم ص374
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
للشيخ / فوزى محمد أبوزيد
رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله تعالى بجمهورية مصر العربية
إن حياة الأنبياء البرزخية الحقيقية وخصوصا نبينا محمد هي ارفعوأكمل من أن يتصور
جاهل أو أحمق أننا نعنى بها أن يعيشوا كمانعيش فيأكلوا ويشربوا محتاجين إلى الأكل
والشرب ويبولوا ويتغوطوامضطرين إلى ذلك ويخرجون من قبورهم لحضور مجالس الذكر ومجامع
القرآن ولمشاركة الأمة في أفراحها وأحزانها وأعيادها ومواسمها .ثم يرجعون إلى قبورهم تحت
الأرض في تلك الحفرة الضيقة وفوقهمالتراب . ليس في هذا أدنى كرامة أو منقبة بل هو عين
الإهانة التيلا يرضاها الإنسان لتابع أو خادم له فضلا عن أن يمن الله تعالى بذلك
على خير خلقه واجل عبيده حاشا وكلا وألف حاشا وكلا.
إن الحياة البرزخية الحقيقية هي الشعور التام والإدراك الكاملوالمعرفة الصادقة .
إنها حياة طيبة صالحة : دعاء وتسبيح وتهليلوتحميد وصلاة. ومن ثمرات تلك الحياة البرزخية
صلاتهم في قبورهمصلاة حقيقية ليست خيالية ولا مثالية وقد جاءت أحاديث في هذا
الموضوع فمنها عن انس بن مالك قال : قال رسول الله( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون )
. رواه أبو يعلى والبزارورجال أبى يعلى ثقات كذا في مجمع الزوائد (ج8ص211)
قال الإمام الحافظ البيهقى في الجزء الخاص بهذه المسألة .وفى رواية عن انس بن مالك
رضي الله تعالىعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(إن الأنبياء لا يُتْركون في قبورهم
بعد أربعين ليلة,ولكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى يُنفخ في الصور)
قال البيهقى إن صح بهذا اللفظ فالمراد به- والله اعلم-لا يُتركون لا يُصلون إلا هذا
المقدار, ثم يكونون مصلين بين يدي اللهتعالى, قال البيهقى : ولحياة الأنبياء بعد موتهم
شواهد من الأحاديث الصحيحة.
ثم ذكر البيهقى بأسانيده حديث (مررت بموسى وهو قائم يصلى فيقبره). وحديث
(قد رأيتني في جماعة من الأنبياء, فإذا موسى قائميصلى وإذا رجل ضَرْب جَعْد كأنه
من رجال شنوءة وإذا عيسى بن مريمقائم يصلى اقرب الناس به شبها عروة ابن مسعود
الثقفي, وإذاإبراهيم قائم يصلى أشبه الناس به صاحبكم- يعنى نفسه- فحانت
الصلاة فأممتهم فلما فرغت الصلاة قال لي قائل :
يا محمد, هذا مَالِك صاحب النار فسلّم عليه فالتفتُّ إليهفبدأني بالسلام ) .
قلت أخرجه مسلم عن انس (ج2ص268)وأخرجه عبد الرازق في المصنف (ج3ص577)
وقوله ضَرْب : أي خفيف اللحم الممشوق المستقد.
وقال البيهقى في دلائل النبوة : وفى الحديث الصحيح
عن سليمان التيمى وثابت البنان عن انس بن مالك
أن رسول الله قال ( أتيتُ على موسى ليلة اسري بى
عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلى في قبره ). قلت وهو صحيح
أخرجه مسلم (ج2ص268) وقد ثبت بما لا يقبل الشك أن السبب في
تخفيف الصلاة علينا من خمسين إلى خمس صلوات هو موسى عليه
السلام وهو ميت قد أدى رسالة ربه وانتقل إلى جواره في الرفيق
الأعلى ولكنه هو السبب في إيصال أعظم خير إلى الأمة المحمدية
حينما طلب من نبينا محمد مراجعة ربه وقال له سَلْ ربك التخفيف
فإن أمتك لا تطيق ذلك فهل هذه المراجعة حقيقية أو خيالية وهل
في اليقظة أو في المنام وهل هي صحيحة أم مكذوبة وهل موسى
مات أم لا يزال حيا حتى وقت تلك المراجعة ؟ أخرجه الحاكم وصححه
عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي مر على ثَنّية فقال :
ما هذه قالوا ثنية كذا وكذا, قال لأني انظر إلى يونس على ناقة
خطامها ليف وعليه جبّة من صوف وهو يقول لبيك اللهم لبيك ) ا.ه
الدر المنثور (ج4ص334). وفى حديث آخر (أراني ليلة عند الكعبة
فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من الرجال من آدم الرجال,
له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجّلها فهي تقطر ماء
متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين بالبيت فسألت من هذا ؟
فقيل هذا المسيح بن مريم ). وفى حديث آخر ( أن رسول الله مر
بوادي الأزرق فقال : كأني انظر إلى موسى هابطا من الثنيّةوله جؤار إلى الله بالتلبية
ثم أتى على ثنية هرشي فقال :كأني انظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعده عليه جبة
من صوف خطام ناقته خلبة وهو يلبى ) وفى حديث أخر( كأني انظر إلى موسى واضعا
إصبعيه في أذنيه) وهذه الأحاديثكلها في الصحيح وقد تقدم في موسى وعيسى,
وكذلك صلاتهم قياما وإمامة النبي بهم ولا يقال إن ذلك رؤيا مناموإن قوله أراني فيه
إشارة إلى النوم لأن الإسراء وما اتفق فيه كانيقظة على الصحيح الذي عليه جمهور السلف
والخلف ولو قيل بأنهنوم فرؤيا الأنبياء حق, وقوله أراني لا دلالة فيه على المنام
بدليل قوله رأيتني في الحجر وكان ذلك في اليقظة كما يدل عليهبقية الكلام .
جاء في الحديث عن أوس بن أوس قال :قال رسول الله : (أفضل أيامكم الجمعة فيه خلق آدم.
وفيه قبض. وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علىَّ من الصلاة فيهفإن صلاتكم معروضة
علىَّ, قالوا وكيف تعرض صلاتنا عليكوقد أرمت- يقولون بليت- فقال : إن الله حرم على
الأرض أن تأكلأجساد الأنبياء) هذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور وابن أبى شيبة
واحمد في مسنده وابن عاصم في الصلاة له وأبو داود والنسائيوابن ماجه في سننهم
والطبراني في معجمه وابن خزيمةوابن حبان والحاكم في صحاحهم البيهقى في حياة الأنبياء
وشعب الإيمان وغيرهما من تصانيفه .
واعلم بأن حديث أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
ورد من طرق كثيرة جمعها الحافظ المنذرى في جزء مخصوص
وقال في الترغيب والترهيب رواه ابن ماجه بإسناد جيد
ورواه احمد وأبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه
وقال ابن القيم في كتاب الروح نقلا عن أبى عبد الله القرطبي :
صح عن النبي أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء وانه اجتمع مع
الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفى السماءخصوصا موسى وقد اخبر :
(ما من مسلم يسلم عليه إلا رد اللهعليه روحه حتى يرد عليه السلام)
إلى غير ذلك ما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما
هو راجع إلى أنهم غُيّبوا عنا بحيث لا ندركهم وان كان موجودينأحياء وذلك كالحال
في الملائكة فإنهم أحياء موجودين ولا نراهم .وقد نقل كلام القرطبي واقره أيضا
الشيخ محمد السفارينى الحنبليفي شرح عقيدة أهل السنة ونصه :
قال أبو عبد الله القرطبي قال شيخنا احد بن عمر القرطبي
صاحب المفهم في شرح مسلم والذي يزيح هذا الإشكال
أن الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال
ويدل على ذلك أن الشهداء بعد موتهم وقتلهم أحياء عند ربهم
يرزقون فرحين. وهذه صفة الأحياء في الدنيا
وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء أحق بذلك وأولى .وذكر القرطبي
أن أجساد الشهداء لا تبلى,وقد صح عن جابر أن أباه وعمرو بن الجموح
رضي الله تعالى عنهموهما ممن استشهدا بأحد ودفنا في قبر واحد حفر السيل قبرهما
فوجدا لم يتغيرا. وكان احدهما قد جُرح فوضع يده على جرحه
فدفن وهو كذلك , فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما
كانت وكان بين ذلك وبين احد ست وأربعون سنة ولما أجرى معاوية
العين التي استنبطها بالمدينة وذلك بعد احد بنحو من خمسين سنة
ونقل الموتى وأصابت المسحاة قدم حمزة رضي الله عنه فسال منه
الدم ووجد عبد الله بن حرام كأنما دُفن بالأمس .
وروى جميع أهل المدينة أن جدار النبي لما انهدم أيام الوليد
بدت لهم قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان قد قتل شهيدا .
وقد ذكر الشيخ ابن تيمية انه لما حصل الهدم بدت لهم قدم بساقوركبة ففزع
من ذلك عمر بن عبد العزيز فأتاه عروة فقال هذه ساقعمر وركبته فسُرى عن
عمر بن عبد العزيز .ا.ه اقتضاء الصراط المستقيم 365.
وقد ألف في هذا الموضوع الإمام الحجة أبو بكر بنالحسين البيهقى رسالة خاصة جمع فيها
جملة من الأحاديث التي تدل على حياة
الأنبياء وبقاء أجسادهم.
وكذلك ألف الحافظ جلال الدين السيوطي رسالة خاصة بذلك.
وقد ثبت لنبينا محمد حياة برزخية أكمل وأعظم من غيره تحدث عنها
بنفسه تثبت اتصاله بالأمة المحمدية ومعرفته بأحوالها واطلاعه على
أعمالها وسماعه لكلامهم ورده لسلامهم والأحاديث في هذا الباب
كثيرة. فمنها عن عبد الله بن مسعود عن النبي انه قال
(إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام )
قال المنذر رواه النسائي وابن حبان في صحيحه.
ا. ه . من الترغيب والترهيب (ج2ص498) . قلت رواه إسماعيل
القاضي وغيره من طرق مختلفة بأسانيد صحيحة لا ريب فيها
إلى سفيان الثوري عن عبد الله بن السائب عن زاذان
عن عبد الله بن مسعود وصرح الثوري بالسماع فقال :
حدثني عبد الله بن السائب هكذا في كتاب القاضي
إسماعيل وعبد الله بن السائب وزاذان روى لهما مسلم.
ووثقهما ابن معين فالإسناد إذن صحيح .
ومنها : عن عبد الله بن مسعود عن النبي قال : (حياتي خير لكم
تحدْثون ويُحْدث لكم ووفاتي خير لكم تُعرض أعمالكم على
فإن رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت الله لكم)
قال الحافظ العراقي في كتاب الجنائز من طرح التثريب في شرح
التقريب : إسناده جيد وقال الحافظ الهيثمى في مجمع الزوائد
ج9ص24 رواه البزار ورجاله رجال الصحيح , وصححه الحافظ السيوطي
في المعجزات والخصائص وكذا القسطلانى شارح البخاري ونص
المناوى في فيض القدير ج3ص401 بأنه صحيح وكذا الزرقانى في
شرح المواهب للقسطلانى وكذا الشهاب الخفاجى في شرح الشفا
ج1ص102 وكذا الملا على قاري في شرح الشفا ج1ص102
وقال رواه أيضا الحارث بن أسامة في مسنده بسند صحيح .
وذكره ابن حجر في المطالب العالية ج4ص22 وجاء هذا الحديث من
طريق آخر مرسلا عن بكر بن عبد الله المزني ورواه الحافظ إسماعيل القاضي في جزء الصلاة
على النبي ,قال فيه الشيخ الألباني :مرسل صحيح وصححه الحافظ ابن عبد الهادي مع
تعنته وتشدده فيكتابه الصارم المكي. فالحديث صحيح لا مطعن فيه وهو يدل على أن
النبي يعلم أعمالنا بعرضها عليه ويستغفر الله لنا على ما فعلنا من
سئ وقبيح وإذا كان كذلك فإنه يجوز لنا التوسل به إلى الله
ونستشفع به لديه لأنه يعلم بذلك فيشفع فينا ويدعو لنا وهو الشفي
المشفع وقد اخبر الله في القرآن أن النبي شهيد على أمته وذلك
يقتضى أن تعرض أعمالهم عليه ليشهد على ما رأى وعلم .
قال ابن المبارك اخبرنا رجل من الأنصار عن المنهال بن عمرو انه
سمع سعيد بن المسيب يقول : ليس من يوم إلا يعرض فيه على
النبي أمته غدوة وعشيا فيعرفهم بأسمائهم وأعمالهم فلذلك يشهد
عليهم {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء
شَهِيداً }النساء41 ومنها : عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله
( إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه الله أسماع الخلائق فلا يصلى على
احد إلى يوم القيامة إلا ابلغني باسمه واسم أبيه
هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك ) رواه البزار وأبو الشيخابن حبان
ولفظه قال رسول الله( إن الله تبارك وتعالى وكل ملكا أعطاه أسماء الخلائق
فهو قائم على قبري إذا مت فليس أحدا يصلى على صلاة إلا قال :
يا محمد صلى عليك فلان بن فلان قال : فيصلى الرب تبارك وتعالى
على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا ) رواه الطبراني في الكبير بنحوه
الترغيب ج2ص500 ومنها عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن
أبى هلال عن زيد ابن أيمن عن عبادة بن يسىّ عن أبى الدرداء
قال : قال رسول الله : ( أكثروا الصلاة علىّ يوم الجمعة فإنه يوم
مشهود تشهده الملائكة وان أحدا لن يصلى على : إلا عرضت علىّ
صلاته حتى يفرغ منها قال قلت وبعد الموت ؟ قال : وبعد الموت إن
الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فنبي الله حي يرزق)
رواه ابن ماجه في السنن. وفى الزوائد هذا الحديث صحيح إلا انه
منقطع في موضعين عبادة روايته عن أبى الدرداء مرسلة قاله العلاء
وزيد بن أيمن عن عبادة مرسلة قاله البخاري.
انتهى من سنن ابن ماجه ص524 . ومنها عن أبى هريرة أن رسول
الله قال ( ما من مسلم يسلم علىّ إلا ردَ الله علىّ روحي حتى أرد
عليه السلام) رواه أبو داود كذا في الترغيب ج2ص499
قال الشيخ ابن تيمية هذا الحديث على شرط مسلم
وقال : قال رسول الله ( من صلى علىّ سمعته ومن صلىعلىّ نائيا بُلِّغته)
رواه الدارقطنى . وفى النسائي وغيرهأن رسول الله قال ( إن الله وكل بقبري ملائكة
يبلغوني عن أمتيالسلام) إلى أحاديث أخرى في هذا الباب متعددة
أ.ه اقتضاء الصراط المستقيم ص324 وفى حديث أبى هريرة
عند أبى يعلى في ذكر عيسى ( ولئن قام على قبري فقال :
يا محمد لأجيبنه ) ذكره الحافظ ابن حجر في المطالب العالية
4/ ص23 بعنوان حياته صلى الله عليه وسلم في قبره . عن يزيد
المهدي قال لنا ودّعت عمر بن عبد العزيز قال : إن لي إليك حاجة
قلت يا أمير المؤمنين كيف ترى حاجتك عندي ؟ قال أنى أراك إذا أتيت
المدينة سترى قبر النبي فأقرئه منى السلام. وعن حاتم بن وردان
قال : كان عمر بن عبد العزيز يُوجّه البريد قاصدا من الشام إلى
المدينة ليُقرئ عنه النبي السلام ذكره القاضي عياض في الشفاء
في باب الزيارة ج2ص83 وذكر الخفاجى كان من دأب السلف أنهم
يرسلون السلام إلى رسول الله وكان ابن عمر يفعله ويرسل له عليه
الصلاة والسلام ولأبى بكر وعمر رضي الله عنهما ورسول الله صلى
الله عليه وسلم وإن كان يبلغه سلام من سلم عليه وان كان بعيدا
عنه لكن في هذا فضيلة خطابه عنده ورده عليه السلام بنفسه .
أ. ه . من نسيم الرياض للخفاجى ج3ص516 وذكره الفيروزابادى
في الصلاة والبشر ص153. روى الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله
الدرامي في كتابه السنن الذي يعتبر من كتب الأصول الحديثية
الستة قال اخبرنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز
قال لما كان أيام الحرّة لم يؤذّن في مسجد النبي ثلاثا
ولم يقم ولم يبرح سعيد بن المسيب من المسجد وكان لا يعرف
وقت الصلاة إلا بهمهمة يسمعها من قبر النبي فذكر معناه
. أ.ه من سنن الدرامي ج1ص44.
ونقل هذه الرواية الإمام مجد الدين الفيروزابادى
صاحب القاموس في الصلاة والبشر ص154 وقال :
قال إبراهيم بن شيبان حججت فجئت المدينة فتقدمت
إلى قبر النبي فسلمت عليه فسمعت من داخل الحجرة وعليك
السلام . ذكر الشيخ ابن تيمية هذه الوقائع في معرض كلامه عن
اتخاذ القبر مسجدا أو وثنا يعبد , ثم قال ولا يدخل في هذا الباب ما
يروى من أن قوما سمعوا رد السلام من قبر النبي أو قبور غيره من
الصالحين وان سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي
الحرّة ونحو ذلك أ.ه اقتضاء الصراط المستقيم 373 وقد ذكر الإمام
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه أحكام الموت نصا
يؤيد بعض هذه الوقائع . قال اخرج ابن سعد عن ابن المسيب
انه كان يلازم المسجد أيام الحرّة والناس يقتتلون قال فكنت اسمع
أذانا يخرج من قبل القبر النبوي . كذا في مجموع المؤلفات 3/47.
وقال الشيخ ابن تيمية في موضع آخر
وكذلك كل ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد
عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها
وتوقى الشياطين والبهائم لها واندفاع النار عنها وعمن جاورها
وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى واستحباب الاندفان عند
بعضهم وحصول الأنس والسكينة عندها ونزول العذاب بمن استهان
بها فجنس هذا حق ليس ما نحن فيه وما في قبور الأنبياء والصالحين
من كرامة الله ورحمته وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما
يتوهمه أكثر الخلق لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك .أ.ه. اقتضاء الصراط المستقيم ص374
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه